خالد86 مشرف
عدد المساهمات : 140 تاريخ التسجيل : 23/05/2011
| موضوع: سلسلة مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم .. متجددة ان شاء الله .. ارجو التثبيت .. الجمعة مايو 27, 2011 9:08 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا وحبيبنا سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم. نعيش في هذا البحث إن شاء الله تعالى مع أعظم دستور للمعاملات عرفه الإنسان حيث الأداب الربانية الرفيعة والأخلاق التي إن طبقناها لأصبحنا خير أمة أخرجت للناس. ويعتمد هذا البحث على كتاب الله ( القرآن العظيم ) والأحاديث الصحيحة التي وردت في كتب الصحاح كالبخاري ومسلم . والمراجع العلمية التي أهتمت بهذا الجانب وهي كثيرة . . والله الموفق إلى صالح الأعمال.
الجزء الأول
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ -1 الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ -2 الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ -3 مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ -4 إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ -5 اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ -6 صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ-7
****
نلاحظ هنا كيف بدأ القرآن العظيم بصفة الرحمة لله عز وجل ليدلك أن الإسلام كله رحمة . قال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ -107 الأنبياء
الرحمن الرحيم
الاسمان مشتقان من الرحمة , الرحمة التامة وهي إفاضة الخير على العباد. والرحمة العامة تعم جميع الخلائق , فإن رحمة الله تامة عامة ومن رحمة تعالى أن أنعم علينا بالإيجاد ثم بالهداية للإيمان ثم بأسباب السعادة في الدنيا ثم السعادة في الأخرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق : إن رحمتي سبقت غضبي ، فهو مكتوب عنده فوق العرش . الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 7554 خلاصة الدرجة: صحيح
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لله مائة رحمة . أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام . فبها يتعاطفون . وبها يتراحمون . وبها تعطف الوحش على ولدها . وأخر الله تسعا وتسعين رحمة . يرحم بها عباده يوم القيامة الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2752 خلاصة الدرجة: صحيح
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الراحمون يرحمهم الله ، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: ابن دقيق العيد - المصدر: الاقتراح - الصفحة أو الرقم: 127 خلاصة الدرجة: صحيح فيجب أن نتخلق بهذا الخلق ألا وهو الرحمة , فالراحمون يرحمهم الرحمن .
***** خلق الاستقامة
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
ندرك من الآية مدى قيمة الاستقامة على طريق الحق , فالطريق المستقيم هو أقرب الطرق الى الهدف أما الطرق المعوجة فلا تؤدي إلى شئ إلا الهلاك - والطريق المستقيم هو طريق المؤمنين الذين أنعم الله عليهم في الدنيا والاخرة
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ.
*****
ومع أنوار سورة البقرة نلاحظ فضيلة التقوى من أولها , وكيف تؤدي التقوى بصاحبها إلى الفلاح في الدنيا والجنات في الاخرة , فالتقوى هي خوف من الله تعالى في القلب ينعكس على كل جوارح الإنسان فيكون عبدا ربانيا , لايعصي الله ولا يعصي رسول الله قال تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الم -1 ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ -2 الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ -3 وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ -4 أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ-5
أي هذا الكتاب العظيم الذي هو الكتاب على الحقيقة, المشتمل على ما لم تشتمل عليه كتب المتقدمين والمتأخرين من العلم العظيم, والحق المبين. والهدى: ما تحصل به الهداية إلى سلوك الطرق النافعة. والتقوى اتخاذ ما يقي سخط الله وعذابه, بامتثال أوامره, واجتناب النواهي, فاهتدوا به, وانتفعوا غاية الانتفاع. والهداية نوعان: هداية البيان, وهداية التوفيق. فالمتقون حصلت لهم الهدايتان,
فإقامة الصلاة, إقامتها ظاهرا, بإتمام أركانها, وواجباتها, وشروطها. وإقامتها باطنا بإقامة روحها, وهو حضور القلب فيها, وتدبر ما يقوله ويفعله منها، فهذه الصلاة هي التي قال الله فيها: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ – 45 العنكبوت وكثيرا ما يجمع الله تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن, لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود, والزكاة والنفقة متضمنة للإحسان على عبيده، فعنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبود, وسعيه في نفع الخلق، فالمتقون يؤمنون بجميع ما جاء به الرسول, فلا يفرقون بين أحد منهم. أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وحصر الفلاح فيهم؛ لأنه لا سبيل إلى الفلاح إلا بسلوك سبيلهم,
وفي نهاية الربع الأول بشرى للمؤمنين الذين يعملون الصالحات , بكل ما تعنيه كلمة الإصلاح , سواء للدنيا أو للآخرة. قال تعالى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ - 25
**** وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى
|
| | 28-04-2011, 05:19 AM | #2 | moamen5005
عضو فعّال
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 174
|
الجزء الثانى
وبعض آيات من سورة البقرة
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ - 148
فالخلق الذي ينبهنا اليه ربنا في الآية السابق هو الهمة وبذل الجهد والمنافسة الشريفة في عمل الخيرات, والخيرات كثيرة لا تعد ولكن حسبنا ان نقول أنها تشمل الخيرات التي تقربنا من الله تعالى سواء كانت للدنيا كاتقان العمل أو للآخرة بالصلاة والصوم والحج والزكاة والجهاد والبر بجميع اشكاله وألوانه.
***** ومن الأخلاق التي وردت في هذا الجزء خلق الصبر .
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ - 153 فالصبر هو: حبس النفس وكفها عما تكره, فهو ثلاثة أقسام: صبرها على طاعة الله حتى تؤديها, وعن معصية الله حتى تتركها, وعلى أقدار الله المؤلمة فلا تتسخطها، فالصبر هو المعونة العظيمة على كل أمر, فلا سبيل لغير الصابر, أن يدرك مطلوبه، خصوصا الطاعات الشاقة المستمرة, فإنها مفتقرة أشد الافتقار, إلى تحمل الصبر, وتجرع المرارة الشاقة، فإذا لازم صاحبها الصبر, فاز بالنجاح, فلهذا أمر الله تعالى به, وأخبر أنه ﴿مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ أي: مع من كان الصبر لهم خلقا, وصفة, وملكة بمعونته وتوفيقه, وتسديده، فهانت عليهم بذلك, المشاق والمكاره, وسهل عليهم كل عظيم, وزالت عنهم كل صعوبة، وهذه معية خاصة, تقتضي محبته ومعونته, ونصره وقربه, وهذه منقبة عظيمة للصابرين، فلو لم يكن للصابرين فضيلة إلا أنهم فازوا بهذه المعية من الله, لكفى بها فضلا وشرفا، وأما المعية العامة, فهي معية العلم والقدرة, كما في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ وهذه عامة للخلق.
وأمر تعالى بالاستعانة بالصلاة لأن الصلاة هي عماد الدين, ونور المؤمنين, وهي الصلة بين العبد وبين ربه، فإذا كانت صلاة العبد صلاة كاملة, مجتمعا فيها ما يلزم فيها, وما يسن, وحصل فيها حضور القلب, الذي هو لبها فصار العبد إذا دخل فيها, استشعر دخوله على ربه, ووقوفه بين يديه, موقف العبد الخادم المتأدب, مستحضرا لكل ما يقوله وما يفعله, مستغرقا بمناجاة ربه ودعائه لا جرم أن هذه الصلاة, من أكبر المعونة على جميع الأمور فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولأن هذا الحضور الذي يكون في الصلاة, يوجب للعبد في قلبه, وصفا, وداعيا يدعوه إلى امتثال أوامر ربه, واجتناب نواهيه، هذه هي الصلاة التي أمر الله أن نستعين بها على كل شيء.
وقال تعالى بعدها : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ -155 الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ -156 أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُون -157
******
وجاءت في الجزء الثاني آيات الصيام وذلك لان مدرسة الصيام هي التي تخرج المتقين على أكمل وجه.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ -183
فالتقوى خلق عظيم يلزمه تدريبات عظيمة , والصيام مجال كبير لترسيخ هذا الخلق. فالتقوى معناها الخوف من الله لكي لا ارتكب الآثام , والخوف في القلب ينعكس على جوارح الإنسان فلا ترى منه غش أو غدر أو خيانة لأنه يخاف يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار.
فمما اشتمل عليه من التقوى: أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب ونحوها, التي تميل إليها نفسه, متقربا بذلك إلى الله, راجيا بتركها, ثوابه، فهذا من التقوى. ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى, فيترك ما تهوى نفسه, مع قدرته عليه, لعلمه باطلاع الله عليه، ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان, فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم, فبالصيام, يضعف نفوذه, وتقل منه المعاصي، ومنها: أن الصائم في الغالب, تكثر طاعته, والطاعات من خصال التقوى.
******
وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى
|
| | 28-04-2011, 05:47 AM | #3 | moamen5005
عضو فعّال
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 174
|
الجزء الثالث
وبعض آيات من سورة البقرة
لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ -256 اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ - 257
نعيش اليوم مع مبدأ الحرية , وعلى قمتها الحرية الدينية . هذا المبدأ قرره الإسلام قبل أن تعرف البشرية ما يسمى بحقوق الإنسان. فالحرية هي أساس نهضة الأمم وتقدمها , فبقدر حرية الأفراد بقدر قوة دولتهم . ولا خوف من الحرية إن كان القانون يطبق على الصغير والكبير, الغني والفقير.
يخبر الله تعالى أنه لا إكراه في الدين لعدم الحاجة إلى الإكراه عليه، لأن الإكراه لا يكون إلا على أمر خفية أعلامه، غامضة أثاره، أو أمر في غاية الكراهة للنفوس، وأما هذا الدين القويم والصراط المستقيم فقد تبينت أعلامه للعقول، وظهرت طرقه، وتبين أمره، وعرف الرشد من الغي، فالموفق إذا نظر أدنى نظر إليه آثره واختاره، والمكره ليس إيمانه صحيحا،
﴿الله ولي الذين آمنوا﴾ وهذا يشمل ولايتهم لربهم، بأن تولوه فلا يبغون عنه بدلا ولا يشركون به أحدا، قد اتخذوه حبيبا ووليا، ووالوا أولياءه وعادوا أعداءه، فتولاهم بلطفه ومنَّ عليهم بإحسانه، فأخرجهم من ظلمات الكفر والمعاصي والجهل إلى نور الإيمان والطاعة والعلم، وكان جزاؤهم على هذا أن سلمهم من ظلمات القبر والحشر والقيامة إلى النعيم المقيم والراحة والفسحة والسرور.
وبهذا السلوك الواضح المعالم كانت معاملات سلفنا الصالح الذين فتحوا البلاد لتحرير البشرية من عبادة العباد إلى عبادة الخالق جل وعلى. فانظروا كيف كانت قوتهم المستمدة من الحرية التي أعطاها لهم الله تعالى بإيمانهم . فإذا أردنا أن تكون لنا عزة وكرامة وسيادة في هذا العالم , يجب أن نرسخ مبدأ الحرية , التي كرمنا الله بها . ******
المعاملات المالية أدب التعامل سواء بالقول أو الفعل
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ -262 قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ -263 أي: الذين ينفقون أموالهم في طاعة الله وسبيله، ولا يتبعونها بما ينقصها ويفسدها من المن بها على المنفق عليه بالقلب أو باللسان ,ولا أذية له قولية أو فعلية، فهؤلاء لهم أجرهم اللائق بهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فحصل لهم الخير واندفع عنهم الشر لأنهم عملوا عملا خالصا لله سالما من المفسدات.
﴿قول معروف﴾ أي: تعرفه القلوب ولا تنكره، ويدخل في ذلك كل قول كريم فيه إدخال السرور على قلب المسلم، ويدخل فيه رد السائل بالقول الجميل والدعاء له ﴿ومغفرة﴾ لمن أساء إليك بترك مؤاخذته والعفو عنه، ويدخل فيه العفو عما يصدر من السائل مما لا ينبغي، فالقول المعروف والمغفرة خير من الصدقة التي يتبعها أذى، لأن القول المعروف إحسان قولي، والمغفرة إحسان أيضا بترك المؤاخذة، وكلاهما إحسان , فهما أفضل من الإحسان بالصدقة التي يتبعها أذى بمنّ أو غيره،
أنظر أخي المسلم وينظر العالم معنا إلى مستوى الأخلاق في الإسلام ,
******
إن الإسلام يعتبر المال وسيلة للتعامل وليس سلعة في حد ذاته ولو تحول المال إلى سلعة فسوف يحقق ربحا مؤقتا لفئة من الناس . ولكنه سيعود بالأزمات المالية والفقر على قطاعات كبيرة من المجتمع . ولعل ما نلاحظه في هذه الأيام من إنهيار الإقتصاد لدول عديدة من جراء ذلك المفهوم الخاطئ في التعاملات المالية .
وفي ظل الإنفاق تظهر لنا صورتين لنوعين من البشر النوع الأول أناس ينفقون أموالهم ليلا ونهارا سرا وعلانية مما أنعم الله عليهم من ثروات , وتكون النتيجة زيادة تلك الثروات في الدنيا.. وفي الأخرة النعيم المقيم. النوع الثاني أناس يبخلون بما أعطاهم الله من ثروات , بل يرمون تلك الثروة ( مثل القمح ) في البحار لكي لا يقل سعرها. وحين ينفقون الأموال يأخذون عليها فوائد مضاعفة " الربا "
النموذج الأول
الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ -274
النموذج الثاني
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ -275
الذين يتعاملون بالربا - وهو الزيادة على رأس المال- لا يقومون في الآخرة من قبورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من الجنون; ذلك لأنهم قالوا: إنما البيع مثل الربا, في أن كلا منهما حلال, ويؤدي إلى زيادة المال, فأكذبهم الله, وبيَّن أنه أحل البيع وحرَّم الربا; لما في البيع والشراء من نفع للأفراد والجماعات, ولما في الربا من استغلال وضياع وهلاك. فمن بلغه نهي الله عن الربا فارتدع , فله ما مضى قبل أن يبلغه التحريم لا إثم عليه فيه, وأمره إلى الله فيما يستقبل من زمانه, فإن استمرَّ على توبته فالله لا يضيع أجر المحسنين, ومن عاد إلى الربا ففعله بعد بلوغه نهي الله عنه, فقد استوجب العقوبة, وقامت عليه الحجة, ولهذا قال سبحانه: (فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)
******
خلق الأمانة
وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ - 283
وقد اشتملت هذه الأحكام الحسنة التي أرشد الله عباده إليها على حكم عظيمة ومصالح عميمة دلت على أن الناس لو اهتدوا بإرشاد الله تعالى لصلحت دنياهم مع صلاح دينهم، لاشتمالها على العدل والمصلحة، وحفظ الحقوق وقطع المشاجرات والمنازعات، وانتظام أمر المعاش، فلله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه لا نحصي ثناء عليه.
والأمانة لفظ جامع يتضمن موضوعات كثيرة ولو تحدثنا عن الأمانة ما وسعنا هذا المقام ولكن حسبنا أن نتذكر أننا يجب أن نتخلق بهذه الصفة العظيمة آلا وهي الأمانة التي يقوم عليها صلاح الدنيا والاخرة . ونتذكر أن رسولنا الأمين صلى الله عليه واله وسلم كان يعرف بهذه الصفة , فهو الصادق الأمين صلى الله عليه وأله وسلم.
قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة . قال : كيف إضاعتها يا رسول الله ؟ قال : إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6496 خلاصة الدرجة: [صحيح]
ومن الحديث الطويل لإبي سفيان مع هرقل , روى البخاري :
أخبرني أبو سفيان : أن هرقل قال له : سألتك ماذا يأمركم ؟ فزعمت : أنه أمركم بالصلاة ، والصدق ، والعفاف ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة ، قال : وهذه صفة نبي . الراوي: أبو سفيان بن حرب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2681 خلاصة الدرجة: [صحيح]
وعن عبدالله بن عباس , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى جماعة من التجار فقال يا معشر التجار فاستجابوا له ومدوا أعناقهم فقال إن الله باعثكم يوم القيامة فجارا إلا من صدق ووصل وأدى الأمانة الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: ابن جرير الطبري - المصدر: مسند علي - الصفحة أو الرقم: 48 خلاصة الدرجة: إسناده صحيح
*****
وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى |
| |
|